قد تتفاجئ كثيرا اذا علمت ان اجهزة التوجيه اثناء القيادة كانت موجودة بالفعل في القرن الماضي، هذه المعلومة ستفاجئ الكثيرين لان اجهزة الملاحة تحتاج الى اقمار صناعية او ما يعرف ب (نظام تحديد المواقع العالمي (GPS لكي تؤدي الغرض المطلوب منها، لكن الاجهزة التي سنتطرق اليها كانت تحدد الموقع الحالي للسيارة باستخدام امكانيات متواضعة لا تتعدى عجلات السيارة نفسها!

الملاحة باستخدام مسجل الكاسيت 1971

جهاز الملاحة باستخدام شرائط الكاسيت 1971

تخيل انك في سنة 1971 تقود السيارة في مدينة لا تعرف شيئاً عن شوارعها وكل ما تستطيع فعله لمعرفة الطريق الموصلة الى وجهتك هو انزال الشباك وسؤال المارة عن الاتجاهات التي ستنساها بمجرد رفع الشباك، لحل هذه المشكلة تم ابتكار نظام فريد من نوعه يوجه السائق صوتيا عبر مسجل الكاسيت الموجود في السيارة، يتألف هذ النظام العجيب من جهاز يتحكم بتشغيل وايقاف شريط الكاسيت بناءً على حركة عجلات السيارة ولكل وجهة شريط كاسيت خاص بها، قد تبدو فكرة عمل هذا الاختراع بسيطة لكنها في الواقع ليست كذلك ولتوضيح ذلك سنفترض ان هناك سائق متجه من القاهرة الى الخرطوم:

  • سيقوم السائق بإدخال شريط الكاسيت الخاص بمسار القاهرة – الخرطوم
  • ستكون نقطة الانطلاق محددة مسبقاً على شريط الكاسيت
  • عند الإنطلاق من النقطة المحددة سيسمع السائق الامر الصوتي الأول
  • بعد كل امر صوتي يوجد صوت صافرة
  • طول صوت الصافرة يخبر جهاز التحكم بالمسافة المطلوب قطعها قبل تشغيل الكاسيت مرة أخرى
  • جهاز التحكم موصول بعداد سرعة السيارة وتم ضبطه على قياس اطارات السيارة مسبقاً
  •  بناء على سرعة السيارة وقياس الاطارات يعلم الجهاز المسافة المقطوعة
  • بعد انقطاع المسافة المطلوبة يقوم الجهاز بتشغيل الكاسيت ويسمع السائق التوجيه الصوتي التالي

هذا الابتكار الفريد توقف مع الأسف في المرحلة النموذجية لاحتوائه على بعض العيوب التي حالت دون انتشاره، فإذا قام السائق بأي تغيير بسيط أثناء القيادة بسبب طريق مغلق للصيانة علي سبيل المثال فلن يكون هناك أي فائدة لنظام التوجيه هذا.




نظام (طيار السفر) 1988

نظام ملاحة طيار السفر 1980

مقارنة باشرطة الكاسيت يعتبر هذا النظام قفزة نوعية لانه يحتوي شاشة عرض و ازرار تحكم، الا أن هذه القفزة النوعية لم توصله بعد الى الاقمار الصناعية، نظام (طيار السفر) يحصل على معلومات المسار من حساسات الاطارات و جهاز بوصلة رقمية مثبت اسفل زجاج السيارة، جميع الخرائط مخزنة رقميا على قرص حاسوب في صندوق السيارة الخلفي، لبدء التوجيه يقوم السائق بتحديد موقعه الحالي من القائمة باستخدام الازرار ثم يحدد الوجهة المطلوبة، بناء على المعطيات القادمة من حساسات الاطارت والبوصلة الرقمية يعلم الجهاز الاتجاه الذي يتحرك فيه السائق ويحدث شاشة العرض، بالرغم من انها تقنية بسيطة نسبيا في المظهر الا أنها لم تكن بسيطة ابداً في التكلفة، حيث بلغ سعر (طيار السفر) 2000 جنيه استرليني في 1988 وهو ما يعادل 11000 دولار في وقتنا الحالي.

والآن بعد ان اصبحت ليدك فكرة عن تعقيدات اجهزة التوجيه الصوتي في القرن الماضي واسعارها الخيالية ربما ستشعر بقليل من الامتنان عندما تخرج هاتفك المحمول وتستخدم برنامج الملاحة (المجاني) ليرشدك الى وجهتك المطلوبة بدقة وأريحية، وقد نشعر نحن ايضا بالامتنان في حالة مشاركتك لهذه المقالة.